عتقد الكثيرون من الناس أن الغلاف الجوي ليس سوى طبقة الهواء التي نسبح فيها والتي تتكون فيها أنواع الغيوم المختلفة ، وهي طبقة لا يتجاوز ارتفاعها 10 كم فوق سطح الأرض ، وتتناقص فيها كمية الهواء كلما زاد الارتفاع ، ولعل الكثيرون منا لا يعلمون أن من يتسلقون جبال هملايا يحملون معهم أسطوانات الهواء المضغوط لأن كميات الهواء هناك تنقص كثيراً عما هي عليه بقرب سطح الأرض ، فيصبح التنفس صعباً . أما منبع هذا الاعتقاد ، الذي أشرنا إليه في البداية ، فهو عدم معرفتهم بوجود طبقات غلاف جوي أخرى على ارتفاعات أكبر ، أو عدم الاهتمام بمعرفتها بالنظر لأنها لا تؤثر مباشرة على الحياة الإنسانية على الأرض . وقد بدأ بعض الناس يعرفون وجود هذه الطبقات بالنظر لتأثيرها على استقبال موجات الراديو في بعض الأحيان .
باختصار الغلاف الجوي ليس طبقة الهواء القريبة فحسب ، إنه غلاف كبير وعال درسه العلماء مباشرة في مناطقه القريبة وبطريقة غير مباشرة عن طريق أجهزة أرضية وأجهزة فضائية يرسلونها مع الأقمار الصناعية والمراكب الفضائية عند ارتياد الفضاء.
تركيب الغلاف الجوي
إذا جمعت عينات من الهواء الجوي الجاف الموجود في الغلاف الغازي المضطرب (بدون بخار الماء وملوثات) ، ثم حللت هذه العينات فإن نتيجة التحليل مقاسة بالنسبة المئوية الحجمية هي:
طبقات الغلاف الجوي
يتكون الغلاف الجوي من أربع طبقات تبدأ بالقرب من سطح الأرض لتصل إلى مناطق في الفضاء بعيدة جداً عن سطح الأرض .
1. الطبقة المضطربة "أو الغلاف المضطرب " Troposphere
وهي الطبقة الأولى من الغلاف الجوي الأقرب إلى سطح الأرض والتي تتكون في معظمها من الهواء الذي نتنفسه ، والذي يصبح أقل كثافة وأقل أوكسيجيناً كلما ارتفعنا إلى الأعلى بعيداً عن سطح الأرض . يتراوح سمك هذه الطبقة من حوالي 8 كم فوق القطبين إلى 16 كم فوق خط الاستواء يحدها من الأعلى طبقة رقيقة (قليلة السماكة) تسمى الطبقة الهادئة Tropopause وتمتاز بثبات درجة حرارتها . أما في الطبقة المضطربة فتنخفض درجة الحرارة بزيادة الارتفاع عن سطح الأرض بمعدل تقريبي هو 6 ْ م / كم ، أي أنها تصبح حوالي
40 ـ 50 ْم تحت الصفر على ارتفاع 10 كم ، وهذا الارتفاع هو منطقة الطيران المدني ، ومن ركب طائرة لابد أنه سمع قائد الطائرة وهو يعلن أن درجة الحرارة خارج الطائرة (ـ40 ْ م مثلاً) ، والذين يتسلقون الجبال العالية يعرفون أن درجة حرارة قمة الجبل تكون أقل بعدة درجات عن سفحه.
. الغلاف الغازي المتطبق أو الطبقة الغازية المتطبقة Stratosphere
هي الطبقة الثانية من الغلاف الجوي ، وهي تقع فوق الغلاف الغازي المضطرب ويفصلها عنه الطبقة الهادئة أو المستقرة Tropopause . تمتد هذه الطبقة من ارتفاع 12 ـ 50 كم بالمعدَّل حيث أن ارتفاع سطحها السفلي عند خط الاستواء أكبر من ارتفاعه عند القطبين .
تزداد درجة الحرارة في هذه الطبقة كلما ارتفعنا فيها . تصل درجة الحرارة في الجزء العلوي من هذه الطبقة حيث "الهواء قليل جداً " إلى ما يقارب الصفر المئوي ، ولكن ما سبب ارتفاع درجة الحرارة هذه ؟ يوجد في هذا الغلاف الغازي المتطبق طبقة الأوزون التي تمتص أشعة الشمس فوق البنفسجية . ينتج عن التوزيع الحراري وعن قلة الهواء في هذه المنطقة أحوال جوية مستقرة تماماً ، لذلك لا نجد فيها التيارات والاضطرابات الموجودة في طبقة الغلاف الغازي المضطرب ، ولا نجد فيها أي أثر للغيوم أو الظواهر الجوية الأخرى .
هذه الطبقة هي طبقة الطيران لمسافات طويلة لأنها تقع بعيداً عن مناطق الجو العاصف ، ويميزها رياح أفقية قوية ولكنها ثابتة "Steady " .
نهاية هذه الطبقة وفاصلها الطبيعي عن الغلاف الغازي المتوسط الذي يليها هو غلاف غازي رقيق يدعى الغلاف الغازي الهادئ أو الساكن Stratopause .
هي أكثر طبقات الغلاف الجوي كثافة ، أما كتلتها فهي تعادل 75-85% من كتلة الغلاف الجوي ، كاملاً ، ومعظم هذه الكتلة موجودة على ارتفاع أقل من 8 كم عن سطح الأرض .
3.الغلاف الغازي المتوسط أو الطبقة الغازية المتوسطة Mesosphere
يعني المقطع "meso " المتوسط middle ، فهذه الطبقة الثالثة تعني حرفياً الطبقة المتوسطة من الغلاف الجوي ، وهي تقع على ارتفاع حوالي 50 ـ 80 كم فوق سطح الأرض يفصلها عن الغلاف الغازي المتطبق طبقة الغلاف الغازي المتطبق الهادئ وعن الغلاف الغازي الحراري الذي يليها طبقة رقيقة هي الغلاف الغازي المتوسط الهادئ mesopause .
تنخفض درجة الحرارة في هذه الطبقة كلما ازداد الارتفاع لتصل إلى ( ـ 100 ْ م ) ، وهذه الطبقة هي أقل طبقات الغلاف الجوي في درجة حرارتها ، وهي أصغر من أصغر درجة حرارة سجلت في المنطقة القطبية الجنوبية للأرض . يتجمد بخار الماء في هذه الطبقة ليتحول إلى غيوم جليدية . يمكنك أن ترى الغيوم الجليدية إذا سقطت عليها أشعة الشمس بعد الغروب . تسمى هذه الغيوم "الغيوم الليلية المضيئة Noctilucent Clouds .تحترق في هذه الطبقة الشهب والنيازك أثناء مرورها في الغلاف والتي نراها من الأرض وكأنها قذائف نجمية .
4. الغلاف الجوي الحراري أو الطبقة الجوية الحرارية Thermosphere
هي الطبقة الخارجية الأبعد من الغلاف الجوي تفصلها عن الغلاف الغازي المتوسط الطبقة المتوسطة الهادئة ترتفع درجة الحرارة في هذه الطبقة إلى ما فوق 1000 ْ م . تتلقى الجزيئات القليلة من المادة الموجودة في هذه الطبقة كميات هائلة من الطاقة الشمسية توصلها إلى درجة الحرارة التي ذكرناها . نحن نعلم أن درجة حرارة الهواء هي مقياس طاقة حركة جزيئاته وليس مقياساً لمقدار الطاقة المخزنة فيه
وبناءً على ما سبق ، فإن كميات الهواء النادرة جداً الموجودة في الغلاف الغازي الحراري على الرغم من ارتفاع درجة حرارتها إلا أن طاقتها صغيرة جداً بالمقارنة مع الطاقة في الغلاف الغازي الحراري أو في الطبقة الغازية المتطبقة ، فعلى الرغم من ارتفاع درجة الحرارة فيها ، فإن الغلاف الغازي الحراري هو غلاف بارد جداً ولا يمكن لجزيئات الهواء القليلة التي تحتله أن تنقل الحرارة إلى جلودنا (لو تخيلنا أننا كنا نسبح في هذه الطبقة.
ينقسم الغلاف الجوي الحراري إلى قسمين هما :
أ- الغلاف الغازي الأيوني Ionosphere .
ب- الغلاف الغازي الخارجي Exosphere .
أ- الغلاف الغازي الأيوني أو الطبقة الغازية الأيونية
تمتد هذه الطبقة من ارتفاع 80 كم إلى حوالي 600 كم وأكثر . في هذه الطبقة تتحول جزيئات الهواء ( ! ) وذراته إلى أيونات والكترونات حرة الحركة ، تتأين جزيئات الهواء ( ! ) بفعل أشعة الشمس فوق البنفسجية، ويساعد على ذلك أيضا، ولكن بدرجة أقل، دقائق شمسية عالية الطاقة والأشعة الكونية .
تبعث هذه الطبقة موجات كهرومغناطيسية بسبب الكمية الهائلة من الالكترونات الحرة الموجودة فيها ، لذلك يمكن لموجات الراديو (وهي موجات كهرومغناطيسية) أن تقفز أو تنعكس عن هذه الطبقة وبالتالي تنتقل عبر مسافات بعيدة كما نسمعها ونشاهدها في برامج المذياع والتلفاز . والعبارة التالية قد تسمعها من مذيع إحدى محطات الراديو : " نأسف لاضطراب أحوال الاستقبال وذلك بسبب حالة عدم الاستقرار السائدة في طبقات الجو العليا وفي الطبقة الأيونية " ، إن الضجيج وسوء استقبال موجات الراديو سببه تلوث موجي على الأرض أو في طبقة الغلاف الغازي الأيوني . يحدث في هذه الطبقة الشفق بأنواعه aurorae .
ب. الغلاف الغازي الخارجي
هي أعلى أو أبعد طبقات الغلاف الجوي ، تصل في ارتفاعها إلى حوالي 10000 كم ، وهو الحد الأعلى لغلافنا الجوي الأرضي ، يتداخل (يتمازج) الغلاف الجوي هنا مع الفضاء الخارجي حيث تكون طبقة الهواء رقيقة جداً إلى حد يصعب تخيله تهرب ذرات وجزيئات الهواء من هذه الطبقة متجهة نحو الفضاء الخارجي .
تتكون هذه الطبقة من الغلاف الجوي من عنصري الهيدروجين والهيليوم (في حالة أيونية) حيث تكون كثافتهما في أدنى الحدود التي يمكن تخيلها . تسبح الأقمار الصناعية التي يطلقها الإنسان في هذه الطبقة من طبقات الغلاف الجوي .